يعد الماء موردا نادرا في العديد من بلدان العالم، نظرا لعدم انتظام التساقطات المطرية بسبب تغير المناخ، بالاضافة الى زيادة الكثافة السكانية، و التطور الاقتصادي، و بالتالي زيادة الطلب على هذا المورد الثمين.
للتدبير الحكيم للموارد المائية، تلجأ العددي من الدول لنهج سياسة بناء السدود فهي من أقدم المنشآت المائية التي عرفها الإنسان، لتخزين المياه السطحية الناتجة عن التساقطات المطرية، وذلك بهدف توفير الاحتياجات من المياه الصالحة للشرب و الري، و للحماية من الفيضانات و السيول، وايضا لتوليد الطاقة الكهربائية، بالاضافة الى التنمية السياحية من خلال استغلال شواطئ البحيرات الصناعية ـ الخزانات المائيةـ الواقعة خلف السدود.
يعتبر الماء و الطاقة عنصران مهمان لضمان التنمية الاقتصادية لأي بلد في العالم، حاليا توفر السدود 20% من الطاقة الكهربائية عالميا، خالية من انبعاثات ثنائي أكسيد الكربون المسببة في الاحتباس الحراري. في هذا المقال سنتطرق الى كيفية تخزين المياه في السدود والآليات المستعملة لتزويد السكان بهذا المورد الطبيعي، اضافة الى عملية توليد الطاقة و تخزينها عن طريق هذه المنشأة المائية.
السد عبارة عن حاجز يتم انشاءه عبر الممرات المائية، و عادة ما يبنى في الانهار من اجل منع التدفق الطبيعي للماء، و خلق بحيرة تعرف بالخزان المائي. وذلك لتوفير الماء الصالح للشرب و الري و توليد الكهرباء.
تصنف السدود وفقا للهدف المتوخى منها و تصميمها الهيكلي و المواد المستعملة في بنائها.
نجد سد التخزين وذلك لتخزين المياه و توليد الطاقة، سد لتحويل المياه يتم عبر انشاء قنوات مخصصة لهذا الغرض، المياه المحولة تستخدم في سقي الاراضي الزراعية اواغراض أخرى، و سد لحجز المياه و ذلك بغرض تأخير جريان السيول وتقليل تأثير الفيضانات المفاجئة ، اوللاحتفاظ بالمياه لاعادة شحن المياه الجوفية.
غالبا ما تشيد السدود لخدمة اكثر من غرض، كإنشاء مشروع يجمع بين التخزين والتحكم في الفيضانات والاستخدامات الترفيهية و توليد الطاقة الكهربائية.
السدود الترابية
تعتمد في بنائها على المواد المتاحة في الموقع الذي ستبنى فيه.
السدود الركامية
تستعمل في بنائها صخورا من جميع الأحجام لتوفير الاستقرار ومقاومة الماء.
هذين النوعين يحتاجان الى مجرى مائي ذو قدرة كافية للتحكم في مستوى المياه اثناء الفيضانات وتفادي تحطمها، فهما الاقل تكلفة من حيث المواد.
تعتبر من السدود الاعلى كلفة بالمقارنة مع سابقتها ،فهي تصنف وفقًا للطريقة التي يقاومون بها ضغط الماء ،أي شكل الهيكل، فنجد
السدود الثقلية. تعتمد على وزنها في ضمان استقرارها، يتم انشاءها في المواقع التي فيها اساس صخري متين،
يستخدم هذا النوع من التصميم في المساحات الواسعة، يمكن بنائها ايضا بالمواد المتاحة في موقع البناء.
السدود المقوسة. يستخدم هذا النوع من السدود في الأماكن الضيقة والصخرية، تعتمد على شكلها المقوس في نقل الضغط إلى جهتي الوادي، فهي سدود تبنى بخرسانة عالية المقاومة و ذلك لضمان تحمل ضغط الماء.
السدود المدعمة. تضم سلسلة من الدعائم حيث تقوم هذه الاخيرة بتقوية ودعم بناء السد من الجهة الخارجية في اتجاه مجرى النهر.
يعتبر توفير المياه للسكان، بالكمية الكافية و الجودة العالية، ذو اهمية كبيرة لحياة الانسان واقتصاد البلدان،لذا فالتصميم الجيد و الحكيم للبنيات التحتية اللازمة لنقل و تخزين و معالجة المياه هو امر ضروري للتزود بالمياه الصالحة للشرب و الري.
امداد السكان بالمياه الصالحة للشرب ، يتم عن طريق انشاء انابيب كبيرة تكون متصلة بالخزان المائي، هذه الاخيرة تزود بمضخمات لضمان إيصال المياه المخزنة في السد الى محطات معالجة المياه، و التي يتم بعد ذلك نقلها الى خزان رئيسي، و اخيرا هذه المياه المعالجة توزع عبر شبكات توزيع المياه الى المدن و الحواضر. عملية نقل المياه الصالحة للشرب تتم باحترام المعايير التقنية المتبعة في مثل هذه المشاريع.
المياه المخزنة في السدود يتم استعمالها في الري ايضا و ذلك عن طريق قنوات الري؛ هذه الاخيرة تصمم باستغلال تضاريس المنطقة المتواجد بها السد وذلك لضمان عملية تدفق المياه الذي يتم عن طريق الجاذبية التي تنتج عن المنحدرات المتواجدة بالمنطقة.
تعتبر السدود مصدرا للطاقة الكهربائية، هذه الطاقة يطلق عليها اسم الطاقة الكهرومائية، فهي طاقة متجددة، تنتج عن طريق تخزين الماء و استغلال علو السد، سقوط الماء عبر أنبوب من اعلى الخزان المائي الى اسفل السد على عنفة مائية٬ يجعل هذه الاخيرة تدور مولدة بدورها طاقة حركية، و التي يتم تحويلها الى طاقة كهربائية، باستخدام المولدات الكهربائية، و التي يتم نقلها الى الشبكة الكهربائية. المياه المستخدمة لهذه المهمة تعود إلى مسارها الطبيعي في النهر او يتم استعمالها في الري. هذه المنشأة يطلق عليها اسم محطة كهرومائية.
هناك نوع آخر من المحطات الكهرومائية، و التي تعمل على توليد و تخزين الطاقة في نفس الوقت،من ابرز المشاكل التي تعرقل إستعمال الطاقات المتجددة هو تخزين الطاقة، الى الآن لا توجد طرق فعالة لتخزين كمية كبيرة من الطاقة. إلا ان هذا النوع من المحطات يعمل على تخزين الطاقة بواسطة تخزين الماء فبدلا من اعادة المياه المستخدمة للنهر يتم اعادتها للخزان المائي عن طريق مضخات الماء ( في هذه الحالة العنفات هي نفسها تعمل كمضخات للماء)٬ ليتم تحريرهذه الاخيرة لتوليد الطاقة الكهربائية، عندما يرتفع الطلب على الطاقة.
اي مشروع لانشاء سد يحتاج الى دراسة، لاختيار الموقع ونوع السد بعناية لتفادي اي كوارث تقنية مستقبلية جراء تشييد هذه المنشأة، و ايضا لتفادي الآثار الجانبية التي يمكن ان تؤثر بشكل سلبي على المنطقة، من الناحية الاجتماعية والاقتصادية و البيئية و لانجاز مشروع باقل تكلفة حيث يعرف على هذه المنشآت انها جد مكلفة .من بين هذه الدراسات نجد ما يلي:
الدراسة الجيولوجية. دراسة لتضاريس المنطقة ونشاطها الزلزلي
الدراسة الهيدرولوجية. تشمل كمية التساقطات و المياه السطحية التي تزخر بها المنطقة
الدراسة الجيوتقنية. خصائص التربة
الطبوغرافيا. تشمل الاعتبارات الطبوغرافية التكوين السطحي لموقع السد ومنطقة الخزان
دراسة المحيط البيئي للموقع. فبعضها يكون حاضنا لبعض الكائنات و الاحياء الحيوانية و النباتية المهددة بالانقراض، كإختفاء بعض الاحياء المائية نتيجة احتجاز السد لها و عدم مواصلة مسارها عبر مجرى النهر الخ
اي خطإ في التصميم اواهمال في اعمال الصيانة يمكن ان يعرض هذه المنشأة للتصدعات و بالتالي للانهيار.
تعرّف على الكاتب: سهام أمصري