Logo Arabcivil 2024

ثورة في الطيران: طيران أذكى مستوحى من أدمغة الحيوانات

تم تحديثه يوم 22 مايو, 2024 من طرف فريق الأبحاث و المستجدات
"اللهم انفعني بما علمتني وعلمني ما ينفعني"
المرجع في الرابط: جامعة دلفت للتكنولوجيا

 

قبل بداية المقالة، نرا أنه من المفيد فهم المصطلحات التالية:

  • الهندسة العصبية: مجال الهندسة الذي يصمم أنظمة الكمبيوتر المستوحاة من بنية ووظيفة العقول البيولوجية.
  • الشبكات العصبية المتصاعدة (SNNs): نوع من الشبكات العصبية الاصطناعية التي تحاكي الطريقة التي تتواصل بها الخلايا العصبية في الدماغ البشري باستخدام نبضات كهربائية منفصلة.
  • وحدة معالجة الرسومات (GPU): معالج متخصص مصمم لتسريع عرض الصور والحسابات المعقدة، وغالبًا ما يستخدم في تطبيقات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي.
  • المعالجات العصبية: معالجات مصمّمة لتشغيل الشبكات العصبية المتصاعدة، مما يتيح معالجة أكثر كفاءة وأسرع من خلال محاكاة البنية العصبية للدماغ.
  • أجهزة الاستشعار العصبية: أجهزة الاستشعار، مثل الكاميرات العصبية، التي تعالج المعلومات بطريقة مشابهة للأنظمة البيولوجية، مما يؤدي غالبًا إلى معالجة البيانات بشكل أسرع وأكثر كفاءة.
  • الطائرات بدون طيار: طائرات بدون طيار يمكنها التنقل وأداء المهام دون تدخل بشري، بالاعتماد على أنظمة الذكاء الاصطناعي وأجهزة الاستشعار المتقدمة.
  • التطور الاصطناعي: عملية تستخدم في الذكاء الاصطناعي لتطوير الخوارزميات أو الشبكات عبر الأجيال، واختيار أفضل الأداء لإعادة إنتاجه و تحسين الأداء تدريجيًا.
  • التعلم تحت الإشراف الذاتي: نوع من التعلم الآلي حيث يتعلم النظام تفسير البيانات دون تسميات خارجية واضحة، وذلك باستخدام الهياكل أو الأنماط المتأصلة في البيانات المدخلة.

 

في تقدم رائد للطيران المستقل، قام الباحثون في جامعة دلفت للتكنولوجيا (Delft University of Technology) بتطبيق أول نظام رؤية وتحكم عصبي في طائرة بدون طيار. تحاكي هذه التكنولوجيا المبتكرة قدرات معالجة البيانات السريعة والموفّرة للطاقة لأدمغة الحيوانات، مما يمهد الطريق لطائرات بدون طيار ليست أصغر حجمًا وأكثر مرونة فحسب، بل أكثر ذكاءً أيضًا.

التعلم من الطبيعة: قوة الشبكات العصبية المتصاعدة

تعتمد أنظمة الذكاء الاصطناعي التقليدية (AI) بشكل كبير على الشبكات العصبية العميقة، والتي تتطلب قوة وطاقة حسابية كبيرة، والتي يتم توفيرها عادةً بواسطة وحدات معالجة الرسومات (GPUs). ومع ذلك، فإن هذه المتطلبات تفرض قيودًا كبيرة على الروبوتات الصغيرة، مثل الطائرات بدون طيار، والتي لا يمكنها حمل سوى موارد حسابية وإمدادات طاقة محدودة.

من ناحية أخرى، تعالج أدمغة الحيوانات المعلومات من خلال النشاط العصبي الغير المتزامن، وتتواصل عبر نبضات كهربائية موفّرة للطاقة. مستوحاة من هذه الكفاءة البيولوجية، طور العلماء معالجات عصبية قادرة على تشغيل الشبكات العصبية المتصاعدة. تقوم هذه الشبكات بإجراء حسابات أبسط مقارنة بالشبكات العصبية العميقة القياسية، مما يؤدي إلى معالجة أسرع وأكثر كفاءة في استخدام الطاقة. يوضح جيسي هاجينارز، طالب الدكتوراه والمؤلف المشارك في الدراسة، أن "الخلايا العصبية الرقمية المتصاعدة تحتاج فقط إلى إضافة أعداد صحيحة، في حين أن الخلايا العصبية القياسية يجب أن تتضاعف وتضيف أرقام الفاصلة العائمة. وهذا يجعل الشبكات العصبية المتصاعدة أسرع وأكثر كفاءة في استخدام الطاقة".

أجهزة الاستشعار العصبية: رؤية العالم بشكل مختلف

لتعظيم كفاءة المعالجات العصبية، غالبًا ما يتم إقرانها بأجهزة استشعار عصبية، مثل الكاميرات المتخصصة. على عكس الكاميرات التقليدية التي تلتقط الصور على فترات زمنية محددة، ترسل الكاميرات العصبية الإشارات فقط عند اكتشاف تغيرات في الضوء. وهذا يسمح بإدراك أسرع للحركة، وكفاءة أكبر في استخدام الطاقة، وتشغيل فعال في ظروف الإضاءة المختلفة. عند دمجها مع الشبكات العصبية المتصاعدة، يمكن لهذه المستشعرات أن تعزز بشكل كبير استقلالية وخفة الحركة للروبوتات الصغيرة.

قفزة في الطيران المستقل

وقد أظهر الباحثون في جامعة دلفت للتكنولوجيا إمكانات هذه التكنولوجيا من خلال إنشاء طائرة بدون طيار تستخدم الرؤية العصبية والتحكم في الطيران المستقل. تقوم شبكتها العصبية المتصاعدة بمعالجة الإشارات الصادرة من الكاميرا العصبية لتوليد أوامر التحكم، مما يمكّن الطائرة بدون طيار من التنقل بشكل مستقل. تسمح هذه الشبكة، المنتشرة على شريحة البحث Loihi العصبية من Intel، للطائرة بدون طيار بإدراك حركتها والتحكم فيها في جميع الاتجاهات بكفاءة.

ويشرح فيديريكو باريديس فاليس، أحد الباحثين، تفاصيل التحديات التي واجهت تطوير النظام: "كان الجزء الأصعب هو تدريب شبكة عصبية متصاعدة من شأنها أن تعمل بشكل جيد على الروبوت الحقيقي. لقد صممنا شبكة مكونة من وحدتين: واحدة تتعلم إدراك الحركة من إشارات الكاميرا والأخرى تحدد هذه الحركة للتحكم في الأوامر من خلال التطور الاصطناعي في المحاكاة". وبعد تدريب الشبكة الناتجة وتجميعها، كان أداؤها فعالاً في ظروف العالم الحقيقي، حيث تتكيف مع مستويات الإضاءة المختلفة وحتى الأضواء الوامضة.

كفاءة الطاقة والسرعة: الميزة العصبية

يعمل النهج العصبي على تحسين سرعة وكفاءة استخدام الطاقة في عمليات الذكاء الاصطناعي بشكل كبير. يمكن للشبكة أن تعمل ما يصل إلى 1600 مرة في الثانية على شريحة Loihi، مقارنة بـ 25 مرة فقط في الثانية على وحدة معالجة الرسومات الصغيرة المدمجة. بالإضافة إلى ذلك، تستهلك شريحة Loihi 7 مللي واط فقط لتشغيل الشبكة، وهو تناقض صارخ مع 2 واط التي تتطلبها وحدة معالجة الرسومات GPU. وكما لاحظ شتاين ستروبانتس، وهو مرشح دكتوراه آخر مشارك في الدراسة، فإن "النهج العصبي يؤدي إلى الذكاء الاصطناعي الذي يعمل بشكل أسرع وأكثر كفاءة، مما يسمح بتفعيله على روبوتات مستقلة أصغر بكثير".

التطبيقات المستقبلية: طائرات بدون طيار صغيرة وذكية

تمتد الآثار المترتبة على الذكاء الاصطناعي العصبي إلى ما هو أبعد من التطبيقات الحالية. يتصور جويدو دي كرون، أستاذ الطائرات بدون طيار المستوحاة من الحياة، مستقبلًا حيث تتولى طائرات بدون طيار صغيرة مستقلة، معززة بالذكاء الاصطناعي العصبي، مجموعة متنوعة من المهام بدءًا من مراقبة المحاصيل في الدفيئات الزراعية وحتى تتبع المخزون في المستودعات. يمكن لهذه الطائرات بدون طيار التنقل في البيئات الضيقة بأمان والعمل في أسراب لتغطية المنطقة بكفاءة.

في حين أن هذا البحث يمثل خطوة مهمة إلى الأمام، إلا أن هناك حاجة إلى مزيد من التقدم لتقليص حجم الأجهزة العصبية وتوسيع قدراتها للقيام بمهام أكثر تعقيدًا مثل التنقل. ومع ذلك، فإن إمكانات الذكاء الاصطناعي العصبي تبشر بمستقبل تصبح فيه الطائرات الذكية الصغيرة جزءًا لا يتجزأ من العديد من المجالات، مما يحدث ثورة في الطريقة التي نتفاعل بها مع التكنولوجيا المستقلة.

في الختام، فإن تطوير الطائرات بدون طيار ذات الشكل العصبي في جامعة دلفت للتكنولوجيا يسلط الضوء على الإمكانات التحويلية للجمع بين المعالجات وأجهزة الاستشعار ذات الشكل العصبي. ومن خلال محاكاة كفاءة أدمغة الحيوانات، تحقق هذه الطائرات بدون طيار سرعة ملحوظة وكفاءة في استخدام الطاقة، مما يبشر بعصر جديد من الطيران الذكي المستقل.

اطّلع على المزيد

مساهمة في تنمية المدنية العربية
Menu
جميع الحقوق محفوظة © Arabcivil 2024